بات العالم أكثر ترابطاً في ظل تنامي العولمة، ما دفع الكثيرين للحصول على الجنسية أو الإقامة في بلدان مختلفة توفر لهم فرصاً عالمية أفضل من تلك التي يحصلون عليها في أوطانهم الأم. هناك نوعان من البرامج التي توفر للمواطنين الأجانب فرصة الحصول على الجنسية أو الإقامة في بلد آخر، وهما الجنسية عن طريق الاستثمار (CBI) والتأشيرة الذهبية. يقدم كلا البرنامجين وسائل متعددة لتمكين المواطنين الأجانب من العيش والعمل قانونياً في بلد آخر غير بلدهم الأم، حيث يساهمون على نحو ملحوظ في دعم النمو الاقتصادي للبلد المضيف عن طريق الاستثمار أو التبرع. صممت برامج الجنسية عن طريق الاستثمار لمنح جنسية ثانية وجواز سفر ثان للمواطنين الأجانب، في حين تقدم برامج التأشيرة الذهبية الإقامة الدائمة لهؤلاء المواطنين.
تعد برامج الجنسية عن طريق الاستثمار خياراً مثالياً لمنح المستثمرين جنسية جديدة والاستمتاع بالفرص العالمية الواسعة. بينما تعد برامج التأشيرة الذهبية مثالية للمتقدمين الراغبين في الاحتفاظ بجنسيتهم الأصلية أو الذين يحملون جواز سفر يمكنهم من التنقل حول العالم بسهولة، إلا أنهم يطمحون لتوسيع نطاق أعمالهم أو الإقامة على نحو أطول في بلد معين. وتوفر برامج الجنسية عن طريق الاستثمار والتأشيرة الذهبية مزايا متعددة إلا أن لها شروطاً محددة، ويعتمد اختيار البرنامج المناسب على أهداف الفرد وخططه المهنية وأصوله المالية وتفضيلاته الجغرافية. ستتناول هذه المقالة سمات هذين البرنامجين، والاختلافات بينهما، وبعض الشروط العامة للمتقدمين، بالإضافة إلى أمثلة حول البرامج الحالية.
ما هي برامج الجنسية عن طريق الاستثمار؟
توفر برامج الجنسية عن طريق الاستثمار (CBI)، أو برامج “جواز السفر الذهبي”، للمواطنين الأجانب فرصة الحصول على الجنسية عن طريق الاستثمار في بلد معين. ويمكن تحقيق ذلك إما عبر التبرع للحكومة، أو الاستثمار في العقارات والمشاركة في الأعمال التجارية، أو إيداع الأموال لأجل محدد في أحد مصارف البلد المقصود، أو مزيج من الاستثمارات المختلفة. وتجذب برامج الجنسية عن طريق الاستثمار اهتمام الأفراد من شرائح الدخل المرتفع الذين يودون الحصول على جواز سفر ثان قوي يمكنهم من السفر بسهولة، أو ممارسة الأعمال التجارية بدون تعقيدات أو الحصول على مزايا ضريبية أفضل.
ما هي برامج التأشيرة الذهبية؟
تتطلب برامج التأشيرة الذهبية، أو برامج الإقامة عن طريق الاستثمار (RBI)، ضرورة الاستثمار في البلد المضيف، مع توفير الإقامة الدائمة أو طويلة الأجل بدلاً من الحصول على الجنسية مباشرة. وتعد خيارات جيدة للأفراد الراغبين بالإقامة في بلد آخر دون الحاجة ليصبحوا مواطنين فيه أو الحصول على جواز سفره. وتشمل أنواع الاستثمارات أو التبرعات المطلوبة لبرنامج التأشيرة الذهبية، التبرع لصندوق حكومي أو غير حكومي، أو الاستثمار في العقارات والشؤون التجارية، أو شراء سندات حكومية، أو إيداع الأموال في المصارف لأجل معين، أو المساهمة في صندوق استثماري. يوفر الحصول على الإقامة في بلد ما من خلال برنامج التأشيرة الذهبية إمكانية الوصول إلى المزيد من الوجهات بدون تأشيرة. كما أنه يوسع فرص السياحة والأعمال والتعليم للمستثمرين وعائلاتهم في البلد الذي يتقدمون فيه للحصول على الإقامة.
أوجه الاختلاف بين برامج الجنسية عن طريق الاستثمار وبرامج التأشيرة الذهبية
يتمثل الفرق الأكثر وضوحاً بين كلا البرنامجين في النتيجة النهائية للتطبيق. فبينما صممت برامج الجنسية عن طريق الاستثمار لتمكين الأشخاص المتمكنين مادياً من الحصول على الجنسية، توفر برامج التأشيرة الذهبية الإقامة للمتقدمين، مع إمكانية الحصول على الجنسية في وقت لاحق. ورغم أن الاستثمار المطلوب لبرامج الجنسية عن طريق الاستثمار في كثير من الأحيان أقل تكلفة من استثمارات برامج التأشيرة الذهبية، إلا أن الأمر يختلف من بلد إلى آخر.
ويتجلى الاختلاف بوضوح أيضاً في كيفية التقديم، وخاصة على مستوى “العناية الواجبة”. وتشير العناية الواجبة إلى الخطوات التي تتخذها السلطات المختصة لضمان تمتع مقدم الطلب بأخلاقيات جيدة ولا يشكل أي تهديد على سلامة البلد المضيف والتأكد من عدم احتمالية قيامه بنشاط إجرامي. عادة ما يكون مستوى العناية الواجبة أكثر صرامة لبرامج الجنسية عن طريق الاستثمار مقارنة ببرامج التأشيرة الذهبية.
من الشائع أن يكون لبرامج التأشيرة الذهبية حد أدنى أطول من أيام الإقامة في البلد المضيف. بينما يفترض عدد قليل من برامج الجنسية عن طريق الاستثمار على المستثمرين وعائلاتهم الإقامة لبضعة أيام في الدولة، في حين أن معظم البرامج الأخرى لا تتطلب أي إقامة فعلية على الإطلاق. من ناحية أخرى ، قد تتطلب برامج التأشيرة الذهبية إقامة أطول تتراوح من أيام إلى شهور.
يتمثل الاختلاف الرئيسي بين برامج الجنسية عن طريق الاستثمار والتأشيرة الذهبية، والعامل الحاسم الذي قد يؤثر على الأفراد لتفضيل خيار واحد على الآخر، في مقدار التنقل الدولي الذي يمنحه البرنامجان. تقدم برامج الجنسية عن طريق الاستثمار مسارا مباشرا للحصول على الجنسية. ومن المرجح أن يتطلع المتقدمون المؤهلون لبرامج الجنسية عن طريق الاستثمار للحصول على جواز سفر أكثر قوة من جواز سفرهم الحالي للتمكن من الحركة على نحو أفضل. في هذه الحالة، توفر برامج الجنسية عن طريق الاستثمار حركة أكبر بدون تأشيرة، مع إمكانية السفر إلى المزيد من البلدان.
وتقدم برامج التأشيرة الذهبية خيار الجنسية فقط إذا كان مقدم الطلب على استعداد لتلبية شروط التجنيس. وإلا، فسيحصل حاملو التأشيرة الذهبية على تصريح إقامة يمكنهم من السفر على نحو أسهل إقليمياً. بمعنى آخر، لا يمكنهم عبور الحدود الدولية إلا بجواز سفرهم الأصلي. بالنسبة للبعض، سيؤدي ذلك إلى تحسين وضعهم أو منحهم قدرة التنقل الذي يحتاجون إليه. ومع ذلك يجب على جميع الأفراد المتقدمين للحصول على الجنسية عن طريق الاستثمار أو التأشيرة الذهبية التفكير في مزايا حركة السفر الدولي خلال مرحلة ما بعد الاستثمار.
متطلبات الأهلية لبرامج الجنسية عن طريق الاستثمار والتأشيرة الذهبية
تختلف متطلبات الأهلية للتقدم لبرامج الجنسية عن طريق الاستثمار عن تلك المطلوبة من قبل برامج التأشيرة الذهبية. ستختلف خصائص الأهلية أيضاً من بلد إلى آخر، لذا يجب على المتقدمين مراجعة جميع الخيارات قبل بدء عملية التقديم. ومع ذلك، هناك بعض الإرشادات العامة التي يجب على المتقدمين لكلا النوعين من البرامج اتباعها.
يجب على المتقدمين لمعظم برامج الجنسية عن طريق الاستثمار والتأشيرة الذهبية تلبية المتطلبات التالية:
- إثبات تجاوزهم سن 18 عاماً
- التمتع بوضع مالي جيد وامتلاك أموال كافية للاستثمار
- اجتياز مرحلة العناية الواجبة مع التمتع بسيرة أخلاقية حسنة
- يمتلكون القدرة على إعالة أنفسهم وعائلاتهم
- إثبات الحصول على أموال الاستثمار بشكل قانوني
بشكل عام، تتنوع متطلبات كلا البرنامجين للغاية وتختلف من بلد إلى آخر. يجب على المتقدمين مراجعة جميع المستندات والإجراءات المطلوبة قبل البدء بعملية التقديم. وفي بعض الحالات سيحتاجون للحفاظ على استثماراتهم لفترة معينة سواء خلال فترة الإقامة الذهبية أو خلال إقامتهم في وطنهم الجديد.
أمثلة على أشهر برامج الجنسية عن طريق الاستثمار والتأشيرة الذهبية
تقدم العديد من الدول في أنحاء العالم برامج الجنسية عن طريق الاستثمار، مثل تركيا ومنطقة البحر الكاريبي وغيرها من الدول. بينما تتوفر برامج التأشيرة الذهبية في الكثير من الدول حول العالم، ولكنها أكثر انتشاراً في الاتحاد الأوروبي مقارنة ببرامج الجنسية عن طريق الاستثمار. ومن الدول التي تقدم برامج التأشيرة الذهبية البرتغال واليونان وإسبانيا والإمارات العربية المتحدة. تشمل البلدان التي تقدم برامج الجنسية عن طريق الاستثمار سانت لوسيا وغرينادا ودومينيكا وسانت كيتس ونيفيس وأنتيغوا وبربودا ومالطا وتركيا.
تتضمن بعض الأمثلة على أشهر برامج الجنسية عن طريق الاستثمار ما يلي:
- برنامج جنسية دومينيكا عن طريق الاستثمار: يقدم هذا البرنامج للمستثمرين فرصة الحصول على الجنسية من خلال التبرع لصندوق التنوع الاقتصادي أو الاستثمار في شراء العقارات. ويبلغ الحد الأدنى للاستثمار 100,000 دولار عبر خيار التبرع للصندوق الحكومي.
- برنامج جنسية سانت كيتس ونيفيس عن طريق الاستثمار: يقدم هذا البرنامج الجنسية للأفراد الذين يستثمرون ما لا يقل عن 200,000 دولار في العقارات أو يتبرعون بمبلغ 125,000 دولار لصندوق التنمية المستدامة.
- جنسية سانت لوسيا عن طريق الاستثمار: يقدم هذا البرنامج خيارات استثمارية متنوعة للحصول على الجنسية، بما في ذلك استثمار بحد أدنى وقدره 100,000 دولار أمريكي من خلال خيار الصندوق الحكومي أو استثمار 200,000 دولار أمريكي في العقارات المعتمدة مسبقاً.
تتضمن بعض الأمثلة على برامج التأشيرة الذهبية الشائعة ما يلي:
- تأشيرة البرتغال الذهبية: يمكن للمتقدمين الحصول على الإقامة البرتغالية عن طريق الاستثمار العقاري بمبلغ لا يقل عن 500,000 يورو أو 350,000 يورو للعقارات التي تحتاج إلى التجديد.
- تأشيرة إسبانيا الذهبية: يمكن للمتقدمين الأجانب الحصول على الإقامة في إسبانيا من خلال استثمار ما لا يقل عن 500,000 يورو في العقارات في إسبانيا.
تأشيرة اليونان الذهبية: يمنح هذا البرنامج الإقامة للمستثمرين الأجانب عبر مجموعة من خيارات الاستثمار. ويبلغ الحد الأدنى لمبلغ الاستثمار 000,250 يورو في العقارات باليونان.
اعتبارات يجب وضعها في الحسبان عند اختيار البرنامج
يجب مراعاة عدة عوامل عند اختيار البرنامج المناسب.
أولاً، تختلف الأوقات اللازمة لمعالجة الطلبات بشكل كبير. تعتمد المدة التي يستغرقها طلبك على ظروف محددة، وعدد أفراد الأسرة الذين يشملهم الطلب، والتعقيدات التي تصاحب عملية الطلب، وبلد الاستثمار. بعض البرامج بسيطة وتستغرق الموافقة عليها فترة 3 أشهر فقط. بعض البرامج أكثر تعقيداً وتستغرق وقتًا أطول، والمزيد من الوثائق.
ثانياً، يختلف الحد الأدنى لمتطلبات الاستثمار. كل برنامج له حد استثمار خاص به بناء على البلد الذي يقدم الجنسية أو الإقامة. تطلب بعض الدول استثمارات أقل بينما تشترط دول أخرى استثمار مبالغ أكبر. يمكن أن تتراوح مبالغ الاستثمار من 100,000 دولار إلى عدة ملايين من الدولارات لبرامج الجنسية عن طريق الاستثمار وما بين 250,000 دولار إلى 500,000 دولار لبرامج التأشيرة الذهبية. ويرى العديد من الأفراد الذين يمتلكون القدرة المالية للاستثمار أن برنامج الجنسية عن طريق الاستثمار يستحق المبالغ التي يتم استثمارها فيه لقاء الحصول على الجنسية وجواز سفر عالي التصنيف، كما يمنحهم هذا البرنامج إمكانية الوصول إلى عالم كامل من الفرص الجديدة.
تعد قدرة الحصول على الجنسية الثانية عاملاً رئيسياً آخر يجب مراعاته. تبدو برامج الجنسية عن طريق الاستثمار طريقة سهلة لكسب المزيد من الفرص والسفر حول العالم. ومع ذلك فإن الكثير من الناس غير قادرين أو غير راغبين في التخلي عن جنسيتهم الأصلية، حيث يفضلون الاحتفاظ بجواز سفرهم الحالي، حتى لو كانوا يريدون العيش والعمل في بلد آخر.
تعتبر برامج الجنسية عن طريق الاستثمار مناسبة لأولئك الذين يمكنهم الحصول على جنسية ثانية قانونياً، والاستفادة من جواز سفر ثان يحتمل أن يكون أقوى من جوازهم الأساسي مع الاحتفاظ بجنسيتهم الأولى. ومع ذلك، فإن بعض الدول، مثل الهند والصين، لا تسمح بازدواج الجنسية على الإطلاق. يمكن للأفراد من هذه البلدان اختيار التأشيرة الذهبية للعيش والعمل في بلد آخر مع الاحتفاظ بجنسيتهم الأصلية. وتعد برامج التأشيرة الذهبية رائعة لأولئك الذين يرغبون بالعيش في بلد جديد لأسباب تتعلق بنمط الحياة أو العمل بينما لا يزالون يستمتعون بتنقل جواز سفرهم الأصلي.
خلاصة القول
إجمالًا يمكن القول أن كلاً من برامج الجنسية عن طريق الاستثمار وبرامج التأشيرة الذهبية تقدم العديد من الإمكانات والفرص المحلية والدولية، يعتمد البرنامج الأمثل لكل فرد على أهدافه الشخصية أو التجارية ووضعه المالي. قد تكون برامج الجنسية عن طريق الاستثمار أكثر ملاءمة للأفراد الذين يمتلكون القدرات المالية والراغبين بالحصول على الجنسية في بلد أجنبي آخر. بينما قد تكون برامج التأشيرة الذهبية أكثر ملاءمة للأفراد الذين يرغبون في الحصول على الإقامة في بلد أجنبي ولكنهم لا يمتلكون قدرات مالية عالية للاستثمار أو يرغبون في الاحتفاظ بجنسيتهم الأصلية. مهما كان سبب الاستثمار في أحد برامج الجنسية عن طريق الاستثمار أو التأشيرة الذهبية الممتازة، تتجلى النتيجة في تعزيز القدرة على التنقل وإطلاق المشاريع الجديدة مستقبلاً!
تعليقات (0)
لا توجد تعليقات.